Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
mediounanews
mediounanews
Derniers commentaires
mediounanews
  • La province de Médiouna est une des provinces marocaines situées dans la région du Grand Casablanca. La province comprend 2 municipalités et 3 communes rurales : * Municipalité de Médiouna * Municipalité de Tit Mellil * Commune rurale
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
14 octobre 2009

مديونة بعيون أجنبية

9049177631776517766

قبائل الشهاونة

: قبيلة مديونة

الضابط الترجمان : جورج ترينكا

ترجمة: ذ. محمد غـازي (مركز الأبحاث والدراسات حول الدار البيضاء والشاوية)

في مقدمة هذه المونوغرافية، يورد ج.ترينكا مجموعة من الشهادات الشفوية عن أصول الشهاونة، استقاها على ما يبدو من السكان المحليين، وتقول الأولى وهي باللسان الدارج: ".الشهاونة هما أولاد زيان ومديونة، وهما خوت في الديوان والبارود.."

ويقول في الثانية:" ..في قديم الزمان كانت هناك قبيلتان في بلاد البربر تعيشان في وئام تام، تحمل الأولى اسم الجطارنة والثانية اسم الكطـارنة . وحينما غزا الشريف سيدي أمحمد امبارك دفين بلاد زايان أراضي القبيلة الأولى فر سكانها نحو أراضي القبيلة الثانية واستولوا عليها مما اضطر معه هؤلاء بدورهم إلى اجتياح أراضي جيرانهم من مديونة وأولاد زيان والزيايدة، وحسما للنزاع اتفقت هذه القبائل على حل سلمي يرعى مصالح الجميع. وخلال عقد المصالحة خاطب مبعوثو مديونة زملائهم من القبائل الطارئة: " جيتوا تـشهاونا " أي أنكم أتيتم لاستمالتنا . ومنذ ذلك الوقت صارت تسمية الشهاونة تطلق على كل من أولاد زيان وبني ورا وكذا على مديونة والزيايدة.

 يختم ترينكا هذه الفقرة من المقدمة بالإشارة إلى أن هذه المونوغرافية لا تشمل إلا قبيلتي مديونة وأولاد زيان بحكم انتمائهما الإداري لنفوذ مراقبة قصبة مديونة. كما يضيف أن مصدر هذه المعلومات هو الروايات الشفوية التي جمعها من السكان المحليين وبالتالي فهو لا يمكن أن يدعي بأنها دقيقة كلها أو خالية من الخطأ، سيما وأن حافزه في كل ذلك إنما هو محاولة فهم وإدراك هذا المجتمع الجديد بالنسبة إليه.

* * * * * * *

 في هذه الفقرة يورد ترينكا بعض التشبيهات الوصفية التي تتداولها قبائل الشاوية فيما بينها بغرض التنكيت والممازحة :

ومنها أن مديونة يوصفون ب " الكرايعية " إشارة إلى تعاطيهم لغراسة نبات "الكرعة" . كما يوصف أولاد زيان بأنهم " نقازين الدوم " وهو كناية عما يتصفون به من قدرة على المواجهة واستحالة تراجعهم أمام أي عائق يمكن أن يحول دون تحقيق أهدافهم . ويورد وصفا للمداكرة بــأنهم " النفخة ورقاد الكلخة (أي النوايل) " ، وذلك استحضارا لما يتصفون به من كبرياء وأنفة . ويورد وصفا مماثلا لأولاد أحريز حيث يصفهم بأنهم " ...... " وذلك للتأكيد على ما يتصفون به من .................

وفي نفس السياق يورد وصفين عن قبائل أمزاب حيث يشبههم الأول ب "الذبان" أو "الموسكو أي الروس" وذلك لكثرة عددهم بالمقارنة مع القبائل الأخرى ، كما يشبههم الثاني ب" ناقصين الشملة " إشارة إلى قصر السلهام المزابي عند أطرافه . ويختم هذا الجرد بإيراد تشبيه عن الزيايدة يصفهم ب: "وكالين الكليلة" إشارة لصفة الإقلال لديهم وعدم التبذير في الإنفاق ، كما يورد تشبيها آخر عن زناتة يصفهم ب : "الجمايلية " نظرا لاهتمامهم بحرفة تسيير القوافل التجارية ، مما يدفع بهم إلى التنقل الدائم عبر الطرقات.

* * * * * * * 

في الفقرة الثالثة والأخيرة من المقدمة، ينتقل ترينكا إلى تناول بعض العادات والتقاليد التي تتحلى بها القبائل المشكلة لموضوع مونوغرافيته، ومنها:

- أن أهل مديونة وأولاد زيان يتشابهون في سلوكاتهم وعاداتهم ، حيث يتميزون بالشجاعة والأنفة والاعتزاز بالنفس تماما كإخوانهم " عرب الواسطة " بالجزائر على حد قوله. ويقول أيضا أنهم معروفون بقدراتهم الكبيرة على تحمل مشاق ومتاعب الأيام الصعبة، ويعرفون كيف يناوئون تجاوزات قوادهم بروح معنوية عالية.

- ويقول أيضا بأنهم يصفون أنفسهم بأنهم عرب أقحاح، رغم ما يبدو لدى بعضهم من ملامح وقسمات الأجداد البرابرة.

- ويضيف بأنهم مجبولون في علاقاتهم على خوض الجدال والملاسنات القوية التي لا تنتهي ، وعادة ما تتخلل هذه الأخيرة ميولات أخرى نحو المناورة وشطارة الحيل.

وبالنسبة لملابس الناس وأغطيتهم ، فإنه يجعل ملابس الفقراء مقتصرة على جلباب صوفي، إضافة إلى " التشامير" وهو نوع من القمصان الطويلة. وتغطى الرؤوس بطاقية مصنوعة من القطن، بينما ينتعلون " البلغة" وهي نعل جلدي.

في حين يؤكد عند وصف ملابس الأغنياء بانسياقهم الواضح كإخوانهم في الجزائر، على حد قوله، نحو بذخ وتأنق واضحين، ويقول بأن ذلك ينسجم مع نظام متكامل يشمل كافة الممارسات والطقوس الاجتماعية بما في ذلك مناسبات الولادة والزواج والوفاة..

وفي مجال السكن، يقول بأن الفقراء يقطنون عادة الخيام والنوايل المصنوعة يدويا وفق تصاميم ومقاييس بدائية، بينما يتنوع سكن الأغنياء من خيام فخمة سوداء مصنوعة من شعر الماعز وخيوط نبات الدوم أو منازل تسمى " الدار" وهي مبنية بالحجارة وتتوفر على طابق فوق أرضي يسمى " المنزه"، كما تزدان غرفها بالزرابي والأغطية الفاخرة والأثاث الثمين ، مما يجعل أهلها ينعمون بحياة رغيدة تحت رعاية حشد من العبيد والغلمان.

أما في مجال الطبيخ والأكل ، فإن طعام " الدرويش" يكاد يقتصر على كسرة خبز صباحا وطبق من كسكس الشعير مساء، في حين يرى الأغنياء أنهم ما خلقوا إلا لتناول متع الدنيا وبالتالي فإن طعامهم يشمل خمس وجبات يوميا تتنوع خلالها الأطباق المحلاة والمعطرة بشتى أصناف وأنواع التوابل والمقبلات...

ويقول أيضا أن الأهالي مشهورون بحب القنص والشغف بالطرائد، فما أن تنتهي أشغال الحقول حتى يبدؤون في تنظيم دورات الحوزة الكبيرة سواء لقنص الأرانب في بلاد الدوم أو لقنص الذئاب والخنزير البري (الحلوف) في غابة " السوالم " حيث يتبارى الجميع لإظهار مهاراتهم في الرمي والتصويب.

ويقول بأن المسنين يستحضرون خرجات القنص الخالدة التي كان كبراء أولاد زيان ومديونة وأولاد أحريز والمداكرة ينظمونها في الغابات. وفي المساء عندما ينتهي كل شيء ، كان الناس يتجمعون حول شيوخ الرماة في حلقات سمر واسعة ، فيتحفهم هؤلاء بحكاياتهم الجميلة التي تستحضر أيام و أخبار عظماء أبطالهم، و تتخللها وصلات إنشاد وغــناء " عبيدات الرمى".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

قبيلة مديونة:

أراضيهم /فروعهم / أصولهم: 

تبلغ مساحة المنطقة التي تضل هذه القبيلة حوالي 700كلم2، وتقع في معظمها ضمن المجال الساحلي، وهي مكونة من خمس مجموعات هضبية متموجة ، تبدأ من مرشيش على ارتفاع 244م فوق سطح البحر وتنتهي عند ساحله.

يحد هذه المنطقة من الشمال المحيط الأطلسي على امتداد خمسين كيلومترا تقريبا، ومن جهة الشرق أراضي قبيلة زناتة، كما تحدها من جهة الشمال الشرقي والجنوب أراضي أولاد زيان (موالين الواد وموالين الدروة) و تحدها من جهة الجنوب أراضي أولاد أحريز، بينما تحدها من جهة الغرب أراضي السوالم موالين الطرايفية. وتتميز هذه الأراضي بخصوبتها البالغة سواء في أجزائها الرملية (تربة الرمل) أو في الأجزاء ذات التربة الحمراء ( تربة الحمري).(أنظر الفصل المخصص للفلاحة).

وعلى امتداد هذا المجال الواسع، تبرز بعض المنازل (الديور) لكن أغلبها مدمر وفي حالة خراب تام من جراء الأحداث الأخيرة ، كما تنتشر مساحات شاسعة من الوهاد والأودية المغطاة بالأجنة والبساتين ذات الأشجار المثمرة. لكنها لازالت تنتظر بدورها عودة أصحابها .

- والمنطقة عموما غنية بمصادر المياه، حيث تتوفر على العديد من الآبار قليلة العمق فضلا عن السواني، كما تستفيد من مياه مجاري نهرية هي:

* واد حصار: وهو أهمها جميــعا، حيث ينشئ مجراه بالتقاء مياه عيون (تاهنكــا) و(سيدي ابراهيم) المتواجدة قرب ضريح سيدي ابراهيم ببلاد أولاد المجاطية ثم ينحدر نحو أراضي زناتة مرورا بأراضي أولاد بوعزيز، وعند اتصاله برافده واد القنطرة يغير اسمه ليصبح واد الرمان.

* واد بوسكورة: يجري بأتمه في أراضي مديونة، ويصب في المحيط الأطلسي قرب الدار البيضاء بعد أن يتلقى مياه رافده واد القريعة.

* واد الميرك : ينحصر مجراه في أراضي أولاد جرار على امتداد حوالي عشر كيلومترات انطلاقا من عين (خوارة) وهو موسمي حيث يتوقف نهائيا عن الجريان ابتداء من شهر ماي.

- تنقسم قبيلة مديونة حاليا إلى ثلاث فرق كبيرة هي:

· أولاد عــدو.

· أولاد حــدو. 

· أولاد عبد الدايم. 

 وتتوزع هذه بدورها إلى عدد كبير من الفرق الصغيرة والعظام ويقدر عدد ساكنتها في الوقت الحاضر ب 7000 نسمة.

  - ما هي أصول قبيلة مديونة؟

 لم يستطع أحد أن يفيدنا بشيء ذي بال في هذا الموضوع سواء من الشيوخ المسنين أو من المثقفين وليس هناك أي سند ثابت يمكن أن نرتكز عليه في رد نسب مديونة إلى أصول ما عند أهل منطقة عين مديونة الواقعة وسط أراضي القبائل الصنهاجية إلى الشرق من مدينة فاس . وهناك من يرد أصول القبيلة إلى أولاد المجاطية إحدى الفرق المديونية، ويدعي هؤلاء أنهم جاؤوا من بلاد مجاط الواقعة قرب مدينة مكناس.

 وعلى كل فلا أحد من أصحاب هذه الروايات المتداولة شفويا عبر الأجيال يستطيع أن يدلل على صدق واحدة منها، وذلك بإرجاعها إلى مصدر مكتوب وموثق. لكن يظهر أن قبيلة مديونة قبل استقرارها النهائي في الأراضي التي تنتشر عليها حاليا، كانت تمتلك المجال الذي تنتشر عليه قبيلة المذاكرة وذلك قبل أن يخرجهم منها هؤلاء، ومما يستدل به على ذلك أن مديونة لا زالوا يملكون أراضي في واد النخل قرب الواد الأحمر وفي مصالة.

 - شــارك أهل مديونة بقوة وفعالية في جميع الأحداث والوقائع التي عرفتها مدينة الدار البيضاء وأحوازها، وقد تضرروا إثر ذلك وبشكل فادح من جراء التواجد المكثف لأعداد كبيرة من محاربي الشاوية على أراضيهم وخاصة ما بين شهري غشت و دجنبر بل إنهم انتقلوا للإقامة عند حلفائهم في المناطق المتضرسة منذ الفاتح من شهر يناير لما أخذت فرقنا طريقها نحو الجنوب.

 وحدهم أولاد جرار ضلوا في أماكنهم حيث تظهر أراضيهم كلها مغطاة بالمزروعات والأغراس، كما كان أولاد بوعزيز قد انزاحوا نحو منطقة الواد في اتجاه أراضي قبيلة زناتة يوم معركة سيدي مومن ثم عادوا بدورهم ابتداء من شهر أكتوبر ليزرعوا حقولهم كما احتفظوا في عزبانهم على أعداد كبيرة من قطعان مواشي المداكرة.

 يعد سي أحمد بن العربي هو القائد الحالي لقبيلة مديونة وهو في نفس الوقت عامل مدينة الدار البيضاء حيث سمح له الاضطلاع بهذا الخليط من المهام الحصول على لقب الباشا.

 ينحدر سي أحمد بن العربي من فرقة الهراويين وبالضبط من فخدة أولاد محمد ويبدو هذا الشيخ المسن الذي تجاوز السبعين محافظا على أبهى مظاهر الوقار والوسامة حيث استطاع خلال إقامته الطويلة في البلاط السلطاني، ومن خلال الاحتكاك الدائم مع الوزراء والدبلوماسيين الأجانب أن يكتسب كل الخصال التي يجب أن تجتمع في شخصية مخزنية.

 وكان قد نودي عليه من الرباط في مطلع شهر يناير ليلتحق بعمله الجديد في مديونة بعد غياب عنها طال ثلاث سنوات تقريبا وقد بدل مجهودات كبيرة من أجل إقناع محكوميه بالرجوع إلى أراضيهم، وتحققت له نفس الأهداف مع أولاد زيان الذين كانوا قد الحقوا بإيالته لبعض الوقت .

 على الرغم مما وضعته الأقدار أمام هذا القائد من مواقف وخصاصيات وحساسيات صارت علما عليه، حيث فقد منصبه على ولاية الدار البيضاء لأربع مرات إلا أنه كان يستطيع استرجاع منصبه ومكانته كل مرة، ولا يمكن تقدير قيمة الأموال التي كان ينفقها من أجل ذلك نظرا لضخامتها حسبما كان يروجه الناس في مديونة حوله.

 كما كانت لعائلة هذا العامل مكانة مرموقة في أوساط القبيلة، حيث كان أبوه قاضيا على الشهاونة زمن حكم السلطانين المولى سليمان والمولى عبد الرحمان وكان هو بدوره قد درس بالدار البيضاء. وحينما كان الوزير الحالي محمد الطريس قائدا على هذه المدينة، اشتغل سي احمد بن العربي ناظرا على أملاكها الحبسية وجمع معها أيضا مهام وكيل الغياب واليتامى إلى جانب مهام أبي المواريث .

 ونظرا لما كان يبدو له من بساطة مثل هذه المهام، واستحقاقه لشغل مهام أخرى أكثر إثارة، فإنه ترقى إلى منصب قائد على قبيلتي مديونة وأولاد زيان وذلك خلفا لكل من عبد السلام بن مشيش قائد أولاد زيان والحاج عبو قائد مديونة الذين تعرضا للاعتقال والسجن بمكناس، ونال في ذلك مؤازرة خاله القائد عبد السلام برشيد.

 وطوال الخمسة والعشرين سنة الموالية لم يكن يبتعد أو يغيب عن ركب السلطانين المولى الحسن أو المولى عبد العزيز حيث رافقهما خلال حركاتهما وتجوالهما في طول البلاد وعرضها، ومما يعرف عنه مثلا أنه تكفل بأجور حوالي ثلاثين رجلا من محاربيه ونفقات تسليحهم خلال الحركات إلى كل من تافيلالت وسوس ودمنات وتادلا وبلاد زايان وتطوان حيث كان كانت تنقل أحماله على أكثر من اثني عشر جملا وخمسة عشر بغلا.

 وأما مدينة الدار البيضاء فقد نشأت على أنقاض مدينة أنفا التي خربت حوالي ست مرات ويظهرانه لم يحن الوقت بعد لتدقيق البحث في تفاصيل هذا التاريخ، وعلى كل حال فإننا نعرف أنها كانت أكثر اتساعا مما هي عليه الآن، وأنه كان لها بريق وجاذبية تجتذب إليها هواة متع الحياة من مختلف أرجاء الإقليم حيث طبقت شهرتها كل أرجائه، ولازالت لها نفس الجاذبية لحد الوقت.

ويبدو أنها عندما تتخلص تدريجيا من أحزمة النفايات التي تراكمت حولها عبر الأجيال فستبدو حينها بمظهر الحاضرة النظيفة، والتي تشهد جنباتها في الوقت الراهن حركة بناء نشيطة في كل الاتجاهات حيث يتم تعويض المنازل الخربة من جراء قنابلنا بمنازل أخرى جديدة، كما تشهد المساحات الفارغة بدورها إنشاء مباني عصرية يظهر أن أصحابها قد جاؤوا ليعيدوا بناء ثرواتهم وخاصة بعدما تحققوا من جدوى تدخلنا وترسخ اعتقادهم في حسناته.

ويظهر أن عدد كبيرا من دوي الجرأة والإقدام من أبناء القبائل قد أخذوا يتوافدون على هذه المدينة بعدما زادت أهميتها التجارية وتطورت خدماتها الترفيهية، ومن هذا الخليط البشري الذي يشمل أناسا من كل القبائل بالإقليم المجاور تكونت مجموعة بشرية جديدة صارت تحمل اسم بيضاوة أي سكان الدار البيضاء، وفي المقابل فإن روابطهم بالجوار كانت تتم بشكل يزيد من ترسخ تمايزهم عن إخوانهم "العروبية" من سكان البوادي المجاورة.

وتوجد لدى قبيلة مديونة قصبة كان يقطن بها قائدهم مع أفراد من خاصته، لكن تدهور الأوضاع الأمنية طوال السنوات الأخيرة أجبره على مغادرتها هو وخليفته والاستقرار بمدينة الدار البيضاء. وقد بنيت على عهد السلطان المولى إسماعيل (1672-1727م) وكان تشييدها يدخل ضمن خطة واسعة المدى تطلب تطبيقها أناة وصبرا طويلين، لذلك أوكل الإشراف عليها للقائد علي بن لحسن المديوني، وكان قد عينه قائدا من الواد حتى الواد، أي من واد أم الربيع حتى واد كرو.

تم البدء في التطبيق الفوري لهذا المشروع بحذافيره، حيث ارتفعت سريعا، وفق نفس التصميم، أسوار كل من قصبات مديونة ومولاي بوشعيب بأزمور، وقصبة بلكوش، وقصبة أيت ريبو، والكنانط وقصبة سطات والقصيبة الحميرة ببوزنيقة.

وكان من المفروض أن تبنى قصبة مديونة قرب ضريح سيدي غالم على بعد ثلاث كيلومترات من الضاية، حيث أدى استغراق العمال في الحفر والبناء طوال اليوم الأول إلى ارتفاع الجدران عن مستوى سطح الأرض، غير أنه في اليوم الموالي، وعندما كان القائد يتهيأ لإعطاء أوامره ببدء العمل تبادر إلى أسماعه صوت امرأة بالجوار تكلم رفيقتها قائلة: (يا صاحبتي اضربي حمارك وتحركي للسير) وقد كان لهذه العبارة وقع سلبي لدى القائد، وهو المعروف بتطيره من الفال السيئ، فما كان منه إلا أن أعطى أوامره للعمال بمغادرة الورش بكامله والبحث عن موقع آخر. وبينما هم سائرون تناهى لأسماع القائد صوت نفس المرأة وهي تأمر رفيقتها بالتوقف قائلة: (مدي هنا) فناداهم بالتوقف في مكانهم ومباشرة العمل من جديد هناك.

قد أن الأحجار التي استعملت في بناء قصبة مديونة كانت تجلب إليها من موقع مدينة أنفا 

وتميز العمل بتشكيل صفوف طويلة من الحمالين لنقلها إلى مكان البناء حيث تطلب الأمر أياما قليلة لتوفير المواد اللازمة. وتتكون القصبة من قسمين الأول وهو الأقدم ويعود إلى العهد الإسماعيلي ويشتمل على عدة مرافق بنيت في عهود متفاوتة القدم، بينما تعود المنشأة التي يقيم بها ضابط الإدارة المدنية إلى حوالي سبعة عشر سنة وقد بناها القائد المدني بن العربي، أما المنشأة التي يقيم بها الضابط العسكري فتعود إلى عهد القائد ولد أمشيش.

 وبدوره فإن الحمام القديم الذي يشكل اليوم قاعة للطعام فقد بني من طرف القائد احمد بن المعطي صاحب القصبة الثانية، وهناك أيضا دار القائد التي توجد خارج القصبة، وقد بنيت بأمر من السيد الميلودي خليفة الحاج عبو.

 ويبدو أن القصبة بفرعيها كانت تحتوي على أكثر من اثني عشر بئرا لكنه تم الإبقاء على خمسة فقط بينما تم ردم الباقي لضرورات أمنية. كما كانت تضم عدة سجون يمكن أن تأوي أكثر من مائتي سجين.

 وعلى الواجهة الجنوبية الشرقية للقصبة لازالت هناك بقايا من أسوار الأكواخ السكنية التي دمرت خلال أحداث 1907، ويظهر أن اصطحابها يستعدون لإعادة ترميمها قصد السكن بها من جديد.

 أما في الجانب الشمالي الشرقي للقصبة فتوجد ضاية كبيرة تبلغ مساحتها حوالي نصف هكتار تجمع مياه السيول ولكن الأهالي يعتقدون أنها تزود بمياه عيون باطنية نظرا لأنهم لا يذكرون أنها جفت في أي وقت مضى.وعندما تملأها مياه السيول فإنها تصب في مجرى يؤدي على ارتفاع صبيب عين تاهنكا وهي واحدة من مصادر مياه واد حصار، وتعتزم السلطات المحلية معالجتها كيميائيا للحيلولة دون استشراء أية أوبئة.

 وفي الواجهة الجنوبية الغربية من القصبة يوجد الموقع الذي كانت تعسكر به محلة مولاي الأمين خلال أحداث يوليوز 1907. وكان هذا قد حل بمديونة بأمر سلطاني تضم حوالي ألف رجل وذلك لإرغام قبائل الشاوية على دفع المتأخرات الضرائبية التي كانوا يرفضون تأديتها لقوادهم منذ سنة 1903 الذي يطلق عليه اسم عام بوحمارة.

وكان يعسكر برفقته قواد آخرون وهم:

- التهامي بن العايدي قائد أولاد زيان

- التهامي بن علي قائد زناته. 

- احمد بن عمرو قائد الزيايدة. 

- الحاج محمد ولد الحاج حمو قائد أولاد أحريز. 

- عباس ولد الحاج عبو قائد أولاد عبد الدايم وأولاد حدو. 

- العربي بن احمد بن المعطي قائد أولاد عبو. 

وقد مرت على هذه الحملة حوالي عشرة أشهر لكنها لم تحقق شيئا من أهدافها بل أن القبائل التي تزايدت حدة التوتر داخلها نتيجة التواجد الطويل الأمد لهذه القوات بين ظهرانيها أخذت تتربص الدوائر بالمولى الأمين قصد اختطافه وإبادة حركته، لذلك فإنه بادر إلى الفرار ليلا إلى مدينة الدار البيضاء مع خاصته، وبعد شهر واحد فقط من هذه الواقعة اندلعت أحداث الدار البيضاء.

Publicité
Commentaires
Publicité
Newsletter
Archives
Catégories
Publicité